وجد علماء أوروبيون متخصصون في مجال الأعصاب أن منطقة الدماغ المسؤولة عن ضبط النفس -حيث يتخذ القرار بعدم فعل أمر ما- منفصلة عن نظيرتها المسؤولة عن اتخاذ الفعل نفسه، وذلك حسب ما أوردته شبكة الأخبار الطبية "نيوز ميديكال".
وتلقي هذه الدراسة المنشورة بدورية "مجلة علم الأعصاب" ضوءا على جانب هام من سيطرة الدماغ على السلوك، والقدرة على الامتناع عن عمل ما بعد وجود النيه للقيام به، وهو ما يمكن تسميته بالإرادة الحرة أو ضبط النفس.
وتأتي أهمية نتائج هذه الدراسة من ضرورة التعرف على الدوائر العصبية المسؤولة عن الإرادة الحرة، نظرا لكثرة الاضطرابات النفسية التي تبرز فيها بوضوح مشكلات ضبط النفس، التي تتراوح من اضطراب نقص الانتباه إلى إدمان العقاقير واضطرابات الشخصية.
وفي هذا الإطار يقول الدكتور مارسيل براس، المؤلف الرئيس للدراسة الباحث بمعهد ماكس بلانك للإدراك البشري وعلوم الدماغ بجامعة غنت بألمانيا، إن نتائج الدراسة قد وسعت فهم الأساس العصبي لعملية اتخاذ القرار أو الإرادة الحرة، وهو ما يفسر اندفاع البعض نحو القيام بفعل ما مقابل تردد البعض الآخر.
وقد استخدم براس ورفاقه تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لدراسة نشاط الدماغ بحيث يقوم المشاركون بالتجربة عبر الضغط على أزرار في أوقات يختارونها بأنفسهم.
وقام الباحثون بعد ذلك بمقارنة معطيات هذه المحاولات (تصويريا) بنتائج المشاركين عندما كانوا يهمون بالضغط على الزر، ثم تراجعوا عن القيام بالفعل لسبب ما.
فقد طلب الباحثون من 15 مشاركا -يستخدمون اليد اليمني- الضغط على زر في لوحة مفاتيح حاسوبية، واختيار بعض الحالات التي يحجمون فيها فجأة عن ضغط الأزرار قبل أن تصل أيديهم إليها.
كما سجل المشاركون الأوقات التي قرروا فيها ضغط الأزرار، والأوقات التي قرروا فيها الامتناع عن ذلك.
وعندما قارن براس ورفاقه صور الرنين المغناطيسي للحالتين، وجدوا أن الإحجام عن الفعل ينتج عنه نشاط في اللحاء الأوسط الأمامي الظهري، وهي منطقة على الخط الأوسط للدماغ أعلى العينين مباشرة.
بيد أن هذا النشاط لم يظهر عندما مضى المشاركون قدما نحو الفعل أي ضغط الزر. في حين ظهرت لدى الذين أحجموا عن الفعل فروقا واضحة -بين الحالتين- في نشاط لحاء الدماغ الأوسط الأمامي الظهري.
ويقول الدكتور براس معلقا إن القدرة على إيقاف فعل ما تم الإعداد له، لكن أعيد النظر فيه، تقدم تمييزا هاما بين السلوك الذكي والسلوك الاندفاعي، وتمييزا بين الإنسان والحيوان.